أسألة وأجوبة حول الشعائر الحسينية للمرجع السيد الحكيم

أسألة وأجوبة حول الشعائر الحسينية للمرجع السيد الحكيم

س1:
( فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [ الأنبياء : 7 ] .

لقد قضيت سنوات طوال من حياتي ولا زلت أبحث وأناقش وأتناظر في علم الأديان، لإثبات أن الدين عند الله الإسلام، ولكن كثيراً ما تستوقفني مسألتان ، وأُحرَج في الإجابة عنهما، وخاصة أني أرى أن لهما جذوراً في التوراة والإنجيل، ألا وهما قضية التطبير واللطم أيام عاشوراء.
أما التطبير وضرب النفس بآلات الجارحة للتعبير عن الحزن فهو ما نراه في سفر الملوك الأول، الإصحاح الثامن عشر، أما قضية اللطم فهي صريحة جداً في أنجيل لوقا ، الإصحاح الثالث والعشرين .
فالسؤال هو: هل أن تلك القضيتين من شعائر الله التي هي من تقوى القلوب؟ وإن كانتا كذلك فهل يجوز لي أن لا أعمل بهما؟ وأحرض الناس على تركهما؟ لأنهما وبصراحة ينفِّران الناس من الإسلام ، وخاصة مذهب أهل البيت ( سلام الله عليهم أجمعين ).
ج1: بارك الله فيكم ، وجعلنا وإياكم من : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) [الزمر : 18] ، ويطلبون الحقيقة لأجل الحق والحقيقة، من دون تعصب أو مراء، إنه سميع مجيب .
هذا ويتلخص الجواب بما يلي :

1 - ليس كل ما جاء في التوراة والإنجيل والأديان السماوية الأخرى باطلاً ، فإنها جميعاً دعت إلى عبادة الله تعالى ، وأمرت بالصلاة والصيام والزكاة ، وحرمت الفواحش ، وليس إلى إنكار ذلك من سبيل! .
2 - إن التطبير واللطم ليسا من الأمور المحورية في الإسلام ، ولا في مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، بحيث يدور المؤمن مدار الالتزام بهما ، وإنما هما قضيتان فرعيتان قد يعتقد بهما بعض وقد لا يعتقد آخر ، وقد يتفاوت المؤمن الواحد في قبولهما بين ظرف وآخر ، فلا ينبغي لأتباع المذاهب والأديان الأخرى أن ينتقدوا أساس الإسلام أو مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) لأجلهما .
3 - لما كان التطبير ونحوه من الشعارات الدينية إنما يؤتى بها بقصد إظهار العاطفة نحو المبدأ الحق ورجاله ، وترويجه ، ورفع دعائمه ، فهي من الأمور الراجحة شرعاً من الجهة المذكورة ، ولكنها قد تكون مرجوحة أو محرمة لعنوان ثانوي ، كلزوم الضرر الخاص أو العام ، المادي أو المعنوي ، بمراتبه المختلفة ، ونحو ذلك مما لا ينضبط ، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، كما يختلف باختلاف وجهات النظر.
والأمل بإخوتنا المؤمنين ( سدَّدهم الله تعالى وأعزَّ دعوتهم ) عند اختلاف وجهات النظر - في هذه الأمور وغيرها - الاهتمام بوحدة الكلمة ، وجمع شمل هذه الطائفة بتجنُّب العنف والمهاترات ، ودعوة كل فئة لوجهة نظرها بالتي هي أحسن ، مع احترام وجهة نظر الآخرين ، وحُسن الظن بهم ، فإنَّ ضرر شق الكلمة لا يعادله ضرر ومحذور إلقاح الفتنة بين أفراد هذه الطائفة لا يعادله محذور، ولا نريد بذلك أن يتنازل كل ذي رأي عن وجهة نظره ، فإن من أعظم مفاخر هذه الطائفة فتح باب الاجتهاد ، وحرية النظر في حدود الميزان الشرعي .
بل نؤكد على ضرورة الالتزام بآداب المحاورة ، واحترام وجهات النظر المختلفة ، وحسن الظن بالآخرين ، ولمِّ الشعث ، وجمع الشمل ، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد ، ومنه نستمِدُّ العون والتسديد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وفقكم الله لمرضاته .

س2: ما حكم إسالة الدم من الرأس بالسيوف صبيحة يوم العاشر من المحرم ، إذا احتُمِل وقوع الضرر على نفسه ، أو الإضرار بالمذهب وتوهينه من خلال نشر الصور على الإنترنت ، أو الوسائل الأخرى ، وما حكم التجمهر لمشاهدة موكب التطبير؟
ج2: التطبير كسائر الممارسات التي لم يرد فيها نص خاص ، قد تكون إيجابية في منطقة ، وسلبية في منطقة أخرى.

س3: ما رأيكم في من يُسيِّس المنبر؟ يعني يجعله سياسياَ ، وما رأيكم من يُسِّيس مواكب العزاء ؟ وما رأيكم في من يجعل العزاء للهتافات بأسماء العلماء؟
ج3: ينبغي الاهتمام بربط الشعائر بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، حيث أن إقحام هذه الأمور قد يخرجها عن مقاصدها السامية.

س4: من الإشكالات الواردة على بعض الشعائر الحسينية أنها قد تؤدي إلى ( توهين للدين والمذهب ) ، ويختلف المؤمنون في تحديد إن كانت هذه الشعيرة أو تلك موهنة للمذهب ، وسؤالنا هو: ما هو الملاك في تحديد هذا الموضوع؟ هل هناك من قواعد أو أصول يستطيع المؤمن من خلالها تحديد هذا الشيء؟
ج4: التوهين معنى عرفي تختلف مصاديقه من زمان إلى زمان ، ومن مجتمع إلى آخر ، ولا يكفي فيه مخالفة الشعيرة لذوق بعض الأشخاص ، ما لم يثبت أن العرف العام يحكم بذلك .

س5: هل يجوز غلق شوارع المدينة الرئيسية واستخدامها لغرض مرور المواكب فقط؟ مع أن ذلك يؤثر على حركة السير في المدينة ، ويسبب الإزعاج إلى الكثير من الناس المرضى ، حيث أنه يجب عليهم الذهاب إلى الدكتور سيراً على الأقدام ، علما أنه يوجد الكثير من الأماكن الفارغة يمكن استغلالها لغرض إقامة المواكب الحسينية ، وتسهل حمايتها ، والسيطرة عليها من قبل قوات الأمن.
ج5: لا بُدَّ من حفظ الشعائر مع رعاية حقوق الآخرين ، وعدم الإزعاج للمرضى والضعفاء لو لم يكن لهم طريق آخر.

س6: ركضة ( طويريج ) معروفه عند العراقيين خصوصاً ، و هو عزاء يقام يوم العاشر من المحرم ، حيث تأتي أفواج الناس من قضاء ( طويريج ) الذي يبعد أربعة فراسخ عن مدينة كربلاء المقدسة ( على مشرِّفها آلاف التحية والثناء ) يأتون مهرولين ، حتّى يصلوا إلى حرم سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي ( عليهما السلام ) . ثم يخرجون إلى حرم أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) ، حفاة ، باكين ، شعث غُبْر ، يندبون مولاهم الحسين ( عليه السلام ) . فما هو رأي سماحتكم في عزاء طويريج ؟ وبالحوادث التي تقع فيه حيث أنه ذات مرّة سقط بعض الأشخاص على الأرض ، فداستهم الجموع بالأرجل ، فحدثت مأساة فضيعة راح ضحيتها أكثر من أربعين شهيداً عند باب الحرم الحسيني؟
ج6: الشعائر الحسينية من أفضل القربات وأجلّ الطاعات إذا خلصت من الرياء ، ونحوه مما قد يشوب الأعمال الصالحة أو يفسدها ، ومجرد وقوع حادث مؤسف في أثناء بعض الشعائر لا يلغي دورها ، ولا يقلل من شأنها ، وإلا للزم تعطيل فريضة الحج لتكرر وقوع الحوادث فيها .

س7: ما هو الحكم الشرعي في ضرب القامات والزناجيل المصاحبة لمواكب العزاء الحسينية؟
ج7: أُمِرنا بإقامة العزاء لمصائب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وكل ما يكون مصداقاً للعزاء يكون مشمولاًً بذلك الأمر ، والتطبير ونحوه من الشعارات الدينية إنما يؤتى بها بقصد إظهار العاطفة نحو المبدأ الحق ورجاله ، وترويجه ورفع دعائمه ، فهي من الأمور الراجحة شرعاً من الجهة المذكورة.
ولكنها قد تكون مرجوحة أو محرمة لعنوان ثانوي كلزوم الضرر الخاص أو العام ، المادي أو المعنوي ، بمراتبه المختلفة ، ونحو ذلك مما لا ينضبط ، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، كما يختلف باختلاف وجهات النظر.

س8: لماذا في أثناء تشيع مراسم عاشوراء يكون هناك عزاء ولطم ؟ وهل يجوز ذلك؟ وأنا أرى في التلفاز الرجال وهم يعزون بسلاسل من حديد !! ألا يعتبر ذلك من إيذاء النفس؟
ج8: إظهار الحزن والجزع على مصائب أهل البيت ( عليهم السلام ) أمر راجح ، ومجرد الإضرار غير الشديد بالبدن لا إشكال فيه .

س9: هل يجوز التباهي والرياء في المواكب الحسينية أو الشعائر الحسينية أمام الناس؟
ج9: إظهار الخير وإشاعة المعروف واطلاع الناس عليه جائز ، وقد يكون راجحاً خصوصاً في الشعائر المبنيَّة على الاجتماع والتواصل ، وإظهار مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) لذكرهم ، ونشراً لأمرهم ، وتكثيراً لأنصارهم.
نعم الرياء بمعنى أن يكون الغرض من العمل التقرب إلى الناس والارتفاع في نفوسهم حرام ، ومبطل للعمل.

س10: هل يجوز حضور مجالس الإمام الحسين ( عليه السلام ) في شهر محرم لشارب الخمر ؟ كما أنه يَعقِل ما يقول ، ويفهم ما يسمع ، ولكنه شارب خمر ؟ فهل يجوز له الحضور والاستماع واللطم على مصائب الإمام الحسين (عليه السلام)؟
ج10: ارتكاب حرام معيَّن لا يمنع من فعل حسنات أخرى ، بل قد يوجب توبته عن ارتكاب الذنوب ، ولكن إذا استلزم حضور هذا الشخص هتك المجلس ، أو الاستخفاف بشخصية الإمام الحسين ( عليه السلام ) لم يجز الحضور.

المصدر: موقع المرجع السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
http://alhakeem.com/arabic/pages/quesans/listgroup_ques.php?Where=301

المشاركات الشائعة من هذه المدونة